وسط مخاوف عالمية من انتشار أزمة الغذاء، تطرق فرنسا أبواب القارة الأفريقية من خلال مبادرة “المزرعة” لاستكشاف فرص تعزيز الأمن الغذائي.

شراكة جديدة .. وآفاق للسيادة الغذائية لأفريقيا

خلال الفترة بين 25 و 28 يوليو 2022، سيزور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ثلاث دول أفريقية هِيْ الكاميرون وبنين وغينيا بيساو فِيْ أول جولة إفريقية له منذ إعادة انتخابه فِيْ أبريل الماضي.

جولة قد تكون أهدافها الاستراتيجية حول الغذاء وتعزيز الاستثمارات فِيْ القطاع الزراعي، وهُو أقرب إلَّى الواقع، هِيْ تحويل محاصيل الحبوب إلَّى محور رئيسي اليوم فِيْ العلاقات الثنائية بين دول العالم، خاصة فِيْ ظل استمرار الحرب الروسية فِيْ أوكرانيا.

ويريد ماكرون تعزيز المشاركة الأوروبية مع إفريقيا، خاصة فِيْ مجال تعزيز الإنتاج الزراعي والاستثمار فِيْ البنية التحتية الزراعية، والتي كانت محور القمة الأوروبية الأفريقية الأخيرة فِيْ فبراير الماضي.

ومن المتوقع أن يروج ماكرون للمبادرة المسماة FARM، التي أطلقتها الرئاسة الفرنسية لمجلس الاتحاد الأوروبي بالتعاون مع شركائها فِيْ الاتحاد الأوروبي ومجموعة السبع والاتحاد الأفريقي فِيْ 24 مارس 2022.

وتستند المبادرة إلَّى ثلاث أسس مساعدة القطاع الزراعي الأفريقي ودفعه إلَّى الأمام، وتوفِيْر الظروف اللازمة لإقامة شراكة مفِيْدة مع أوروبا، وتمكين المناطق الأفريقية أخيرًا من “السيادة الغذائية”، أي الاكتفاء الذاتي. وتشكل الكاميرون “مختبرا” لهذه الرغبة، فهِيْ بلد زراعي كبير وأول اقتصاد فِيْ منطقة وسط أفريقيا، بقطاع خاص متطور.

ويرافق ماكرون وفد زراعي كبير ويأمل فِيْ التوصل إلَّى اتفاق بشأن “خارطة طريق زراعية” مع الكاميرون.

تداعيات مبادرة “فارم” على مخازن الحبوب العالمية .. النموذج الصيني

تهدف مبادرة المرونة الغذائية والزراعية إلَّى الحد من تأثير الحرب الروسية فِيْ أوكرانيا على الأمن الغذائي العالمي.

هذه الحرب لها بالفعل عواقب وخيمة فِيْ العديد من البلدان الضعيفة مما يؤثر على مستويات الأسعار والإنتاج والوصول إلَّى الحبوب وإمداداتها، وخاصة القمح.

تعتبر روسيا وأوكرانيا لاعبين رئيسيين فِيْ إنتاج العديد من المواد الغذائية الأساسية، مثل الحبوب، وتوفران حوالي 30٪ من صادرات القمح العالمية. تفاقم الحرب من خطر انعدام الأمن الغذائي وتهدد بإدخال ملايين الأشخاص فِيْ أزمة غذائية فِيْ البلدان الأكثر ضعفاً.

وتهدف المبادرة إلَّى تجنب “أزمة ثقة” فِيْ الأسواق الزراعية، من خلال منع القيود على الصادرات وتعزيز الشفافِيْة فِيْ الأسعار والمخزونات الزراعية.

كَمْا تعمل فرنسا بشكل وثيق مع برنامج الغذاء العالمي لوضع آلية تضامن من شأنها أن تساهم فِيْ تخفِيْف التداعيات فِيْ حالة تفاقم الأزمة. ستسمح هذه الآلية لبرنامج الأغذية العالمي و / أو البلدان الأكثر عرضة للخطر بتوريد المنتجات بأسعار أقل من أسعار السوق.

يعتبر دعم القطاع الزراعي الأوكراني وتصدير الحبوب الأوكرانية من خلال مبادرة “ممرات التضامن” فِيْ صميم أولويات مبادرة تعزيز المرونة فِيْ مجالات الأغذية والزراعة. إن مشاركة الشركات الخاصة المتخصصة فِيْ إنتاج الحبوب ونقلها وتجارتها فِيْ جهُود التضامن هذه أمر أساسي.

تهدف المبادرة أيضًا إلَّى تعزيز القدرة على الصمود فِيْ مجالات الأغذية والزراعة من خلال تسريع الانتقال إلَّى أنظمة غذائية مستدامة وقادرة على الصمود، لا سيما فِيْ القارة الأفريقية، التي تعتبر سيادتها الغذائية ضرورية، بالتنسيق مع الصندوق الدولي للتنمية الزراعية.

تقترح فرنسا وشركاؤها الأوروبيون مشاريع عملية على المدى القصير والمتوسط ​​والطويل، وسيتطلب تنفِيْذها مشاركة جميع الجهات الفاعلة فِيْ القطاعين العام والخاص، من خلال مبادرة تعزيز الصمود فِيْ مجال الأغذية والزراعة ومع دعم المنظمات الدولية الناشطة فِيْ مجال الأمن الغذائي والتغذية.

وبحسب موقع SPGLBAL، احتلت روسيا صدارة الدول المصدرة لمحصول القمح فِيْ العالم فِيْ 2022-2022 بـ 37.3 مليون طن. وجاءت الولايات المتحدة فِيْ المرتبة الثانية بـ26.1 مليون طن، وبنفس الكَمْية صدرت جارتها الشمالية كندا فِيْ المرتبة الثالثة. وجاءت فرنسا فِيْ المرتبة الرابعة بـ19.8 مليون طن، وفِيْ المركز الخامس أوكرانيا بـ 18.1 مليون طن.

احتلت أستراليا المرتبة السادسة بـ10.4 مليون طن، بينما احتلت الأرجنتين المرتبة السابعة بـ10.2 مليون طن. احتلت ألمانيا المرتبة الثامنة فِيْ قائمة أكثر الدول المصدرة لمحصول القمح 9.3 مليون طن، وكازاخستان فِيْ المرتبة التاسعة بـ 5.1 مليون طن. كانت بولندا عاشر أكبر مصدر للقمح بـ 4.6 مليون طن. لا يزال هناك بحث محموم عَنّْ الأسواق الأكثر استعدادًا لاستبدال الإمدادات الروسية الأوكرانية

وفِيْ سياق تحقيق أهداف المبادرة، أعربت البعثة الصينية لدى الاتحاد الأوروبي فِيْ يوليو الجاري عَنّْ استعداد الصين لدعم التعاون مع جميع الأطراف للمساهمة فِيْ العمل على ضمان الأمن الغذائي العالمي، فِيْ ظل الزيادة الكبيرة فِيْ أسعار الغذاء باعتباره نتيجة تداعيات أزمة المناخ خلال السنوات الأخيرة، تفاقم الوضع نتيجة تفشي وباء فِيْروس كورونا واستمرار الصراع الروسي / الأوكراني، والذي نتج عَنّْه يعاني الملايين من الجوع، خاصة فِيْ البلدان النامية.

وحذر من الموقف الصيني فِيْ أعقاب تقرير الأمم المتحدة الأخير، والذي أظهر أن عدد المتضررين من الجوع فِيْ جميع أنحاء العالم ارتفع إلَّى 828 مليونًا خلال عام 2022 ؛ يسير العالم فِيْ الاتجاه الخاطئ فِيْما يتعلق بأهداف التنمية المستدامة الهادفة إلَّى القضاء على الجوع وجميع أشكال سوء التغذية، وتوقع أن تصل نسبة المعاناة من الجوع إلَّى ثمانية فِيْ المائة من سكان العالم بحلول عام 2030.

استذكرت الصين أنه على الرغم من أن الجوع ظل يطارد الصين لفترة طويلة من تاريخها، إلا أنها اعتبرت أن الغذاء هُو الحاجة الأساسية لشعبها، وهُو أساس الدولة، وأن الحكومة الصينية تضع دائمًا الأمن الغذائي على رأس أولوياتها. الاولويات، وان الصين استطاعت بعد عقود من العمل الجاد ان تحقق رقما قياسيا فِيْ انتاج الحبوب حيث انتجت 682 مليون طن خلال عام 2022 وهُو العام السابع على التوالي الذي يتجاوز فِيْه انتاجها من الحبوب 650 مليون طن مما يجعلها اكبر منتج. من الحبوب فِيْ العالم وثالث أكبر مصدر للحبوب على مستوى العالم.

الصين .. واستراتيجية بناء عالم خال من الجوع

حَقيْقَة الأمر هِيْ أن الصين تبذل قصارى جهدها للمساعدة فِيْ بناء عالم خالٍ من الجوع، وقد جعل الرئيس الصيني شي جين بينغ الأمن الغذائي أحد مجالات التعاون ذات الأولوية فِيْ مبادرة التنمية العالمية.

إن الصين مستعدة لتخصيص المزيد من الموارد للتعاون الإنمائي العالمي والعمل مع جميع الأطراف لتعميق التعاون العالمي للقضاء على الفقر. كَمْا تواصل العمل على تعميق التعاون الدولي فِيْ مجال الإمدادات الغذائية، حيث تدعم برنامج الأغذية العالمي وتتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو)، وأنشأت مجالات للتعاون الزراعي مع البلدان النامية وتبادل الخبرات مع أكثر من 140 دولة ومنطقة. منذ بداية هذا العام، قدمت المساعدة تم تسليم أكثر من 15000 طن من المواد الغذائية الإنسانية الطارئة إلَّى البلدان النامية التي تحتاج إلَّى المساعدة.

تعمل الصين حاليًا على بناء مشروع قاعدة تخزين الحبوب بمنطقة Haigang التابعة لمجموعة تخزين الحبوب الصينية فِيْ تشينهُوانغداو بمقاطعة خبي بشمال الصين. تبلغ مساحة المشروع الإجمالية 550 مو (حوالي 36.67 هكتار) وسعة تخزين الحبوب المصممة 810 آلاف طن.

عززت الصين، أكبر منتج للحبوب فِيْ العالم، دعمها المالي لزراعة القمح، وخصصت حوالي 5 مليارات يوان لتثبيت إنتاج محصول القمح الشتوي، بينما خصصت 10 مليارات يوان لدعم زراعة الحبوب بشكل عام فِيْ مواجهة الارتفاع الكبير. تكاليف الإنتاج؛ لتعزيز تدابير الأمن الغذائي فِيْ أكثر البلدان اكتظاظا بالسكان.